بسم الله الرحمن الرحيم
من هم آل البيت؟
آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو هاشم، وبنو عبد المطلب، ومواليهم، وأمهات المؤمنين. وهذا قول جمهور أهل العلم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ» رواه البخاري.
ألا يشكل على هذا الحديث الذي فيه: «سلمان منا آل البيت»؟
ليس مشكلاً؛ لضعفه، فإن فيه كثير بنَ عبد الله، وحديثه لا يصح.
هل في المسألة أقوال أخرى في تعريف آل البيت؟
قال بعض أهل العلم: آل بيته قريش، ومنهم من قال: آل محمد صلى الله عليه وسلم هم الأتقياء من أمته، وقيل: هم جميع الأمة.
أين الدليل على دخول أزواج النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم في ذلك؟
ثلاث آيات في كتاب الله([2]):
الآية الأولى:
قوله تعالى: }يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا{ [الأحزاب: 32، 33]. وهذه أوضح آية في بيان ذلك.
الآية الثانية:
قول الملائكة لسارة زوج إبراهيم عليهما السلام: }أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ{ [هود : 73].
الآية الثالثة:
قوله تعالى: }قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ{ [الحجر : 58 - 60]. فهذا الاستثناء لزوجة لوط دليل على دخولها في آل لوط عليه السلام.
ويستدل كذلك بقول زيد بن أرقم رضي الله عنه لحصين بن سَبْرة رحمه الله: "إِنَّ نِسَاءَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ" رواه مسلم.
ما الدليل على أن موالي آل البيت منهم؟
حديث مهران -مولى النبي صلى الله عليه وسلم- قال: قال رسول الله عليه وسلم: «إِنَّا آلُ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ، وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» رواه أحمد. وفي الحديث أنهم لا يأخذون الصدقات، وهذا من إكرام الله لهم، ولهذا جعل الله لهم في الفيء والمغنم نصيباً كما سيمر معنا.
فلماذا أقرَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم أخذَ بَريرة مولاة عائشة رضي الله عنها الصدقة؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟
قال ابن تيمية رحمه الله: "أزواجه داخلات في آله وأهل بيته، كما دل عليه نزول الآية وسياقها –آية الأحزاب-، وقد تبين أن دخول أزواجه في آل بيته أصح، وإن كان مواليهن لا يدخلون في موالي آله، بدليل الصدقة على بريرة مولاة عائشة، ونهيه عنها أبا رافع مولى العباس"([3]). وذلك لأن دخول قرابته في آل البيت بالأصالة، ودخول أمهات المؤمنين فيهم بالتبع، فمن دخل في آل البيت بالأصالة أكسب الموالي هذا الوصف دون من دخل فيهم تبعاً.
ومسألة أن أمهات المؤمنين من آل البيت لا ينبغي التشغيب بها ولا الشك فيها؛ لما سبق من الأدلة، ولأنه إذا كان معلوماً دخول الموالي في آل البيت فإن أمهات المؤمنين أولى([4]).
ما هي الآيات والأحاديث في فضائل آل البيت؟
قوله تعالى: }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا{ [الأحزاب: 33]. والمعنى: إنما أوصاكن الله بهذا؛ ليزكيكنَّ، ويبعد عنكنَّ الأذى والسوء والشر يا أهل بيت النبي -ومنهم زوجاته وذريته عليه الصلاة والسلام-، ويطهِّر نفوسكم غاية الطهارة [التفسير الميسر]. وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحَّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: }إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا{.
وقوله تعالى: }فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ{ [آل عمران: 61]. فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء فاطمة وعلياً والحسن والحسين وقال: «اللهمَّ هؤلاء أهلي» رواه الترمذي.
وثبت في صحيح مسلم عن يَزِيد بْنِ حَيَّانَ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا؛ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ، وَغَزَوْتَ مَعَهُ، وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ، لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، وَاللَّهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وَقَدُمَ عَهْدِي، وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا، وَمَا لَا فَلَا تُكَلِّفُونِيهِ. ثُمَّ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ؛ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ -فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ:- وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي». فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ. قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ: آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
ومعنى «تارك فيكم ثقلين»: أمرين عظيمين.
وآل البيت صفوة خلق الله. ففي صحيح مسلم، عن وَاثِلَةَ بْن الْأَسْقَعِ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ».
ومما يبين فضائلهم أنه ما من مسلم يصلي صلاة إلا ويصلي عليهم مع النبي صلى الله عليه وسلم. فقد علَّمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقول في تشهدنا: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وعلى أهل بيته، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إنك حميد مجيد. وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وعلى أهل بيته، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» رواه أحمد والطحاوي بسند صحيح.
وإذا كان قريب رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابياً فهذا من قد أمسك الفضل بناصيته.